جاء الإسلام ديناً كاملاً شاملاً دروس وقيم ومبادئ ومصالح الحياة والفرد والمجتمع، لحمايتهم وتحسين حياتهم بخطوات صغيرة متدرجة.
ولو تأملنا في ذلك لوجدنا أن الله عز وجل أنزل كتابه الكريم على نبينا محمد صلى الله وعليه وسلم متدرجاً مستمراً (وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلًا)؛ مفصلاً في أوامره ونواهيه وفي أحكامه وأمثاله لكي يُقرأ على الناس بتؤدةٍ وتأنٍّ وترتيل؛ ليتيسر لهم حفظه بسهولة، ويتمكنوا من تطبيق تشريعاته وتوجيهاته تطبيقاً عملياً.
ولقد جاءت في القرآن أحكام بيّنها الله سبحانه وتعالى متدرجة مستمرة ومن ذلك تحريم الخمر، حيث جاء على ثلاث مراحل:
فالمرحلة الأولى: قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا).
والمرحلة الثانية: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ).
ثم المرحلة الثالثة: قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).
كما جاء في عدد من آيات القرآن الكريم ما يشير إلى التدرج ومراعاة الأحوال في قضايا ومواقف مختلفة، ومن ذلك:
قوله تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ).
ولقد ذُكِر في السنة النبوية ما يؤكد على قيمة التحسين المستمر والتدرج والاستمرارية، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام: ( … وَاعْلَمُوا أَنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ)، وقوله عليه الصلاة والسلام: (اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طََيِّبَةٍ) وفي هذا وقاية من النار العظيمة بشيئ يسير من مال، أو خلق حسن، وهذا من فضل الله علينا ولله الحمد.